زيارة البابا لاون الرابع عشر إلى لبنان اليوم تحمل آمالاً كبيرة لدى اللبنانيين خصوصا المسيحيين المنهكين تحت ثقل الأزمات. هذا البابا القادم من أحياء الفقراء في البيرو عرف وجع الناس الحقيقي، وعاش بينهم يومياً، يسمع شكواهم ويشاركهم همومهم، فهو عاش معهم وبينهم وليس في برج عاجي. لذا يأتي إلى لبنان بروحٍ متواضعة وقلبٍ مفتوح على آلام البشر.
لكن في المقابل، يعاني اللبنانيون من فجوة كبيرة بينهم وبين رجال الدولة و الكثير من رجال الدين الذين يعيشون في رفاهية وبُعد عن الواقع الصعب. فبينما يواجه المسيحيون أزمة في الطبابة والتعليم وتكاليف الحياة، تتكدّس الأصفار في حسابات البعض وتُرفع الشعارات من دون أفعال حقيقية. المدارس تُثقل الأهالي، المستشفيات تستنزفهم، والناس يصرخون من العوز.
ومن الضروري أن يسمع البابا الحقيقة: أخبروه عن التلوّث الذي يخنق المدن، عن بلد صغير لكنّه ضمن المراتب الأولى عالميّاِ في نسبة الأمراض السرطانية والنفسيّة وفي نسب الفساد، أخبروه عن النفايات المتراكمة، عن البنى التحتية المتهالكة التي لن يراها عند زيارته لأن عمليات التزفيت والتنظيف تجري على قدم وساق استعداداً لزيارته. لا تزيّنوا الواقع ولا تدّعوا مساعدة الناس فيما هم يزدادون تعباً وفقراً.
تغطية الجرح لا تشفيه، ما يشفيه هو تنظيفه والاعتراف بعمقه. إخفاء الحقيقة لا يحلّ المشكلة، بل يؤجّل انفجارها. وإذا استمرّ هذا النهج، قد يلحق مسيحيو لبنان بإخوتهم في العراق وسوريا. لكنّ المأساة هذه المرة لن تأتي أسبابها من الخارج، بل من داخل البيت نفسه.
باسكال الحلو أبو نادر – صحافة جبل لبنان
www.mountlebanonpress.com تابعونا عبر موقعنا




