الدقيقة بعشرة دولار

في زمنٍ صار فيه الوقت سلعة، يبدو أنّ الطب أيضًا دخل لعبة الأثمان الدقيقة.
زرت طبيبًا مؤخرًا لإجراء فحص بسبب مشكلة صحية طارئة. الموعد لم يستغرق أكثر من عشر دقائق. أسئلة سريعة، فحص أسرع، ثم وصفة لتحاليل طبية. انتهت الجلسة، والمطلوب مئة دولار.

ليس في الأمر عجب، فالدكتور تعب وسهر الليالي ودرس في الخارج، وهذا يستحق الاحترام. لكن ما أثار دهشتي أنّني أنا أيضًا درست في جامعات أجنبية، وسافرت، وسهرت الليالي لأبني مسيرتي، ومع ذلك لا أتقاضى عشرة دولارات في الدقيقة، ولن أفعلها في هذه الأيام الصعبة التي يئنّ فيها الناس تحت ثقل الأزمات.

بعد أن أنهيت التحاليل المطلوبة، اتصلت بالعيادة للحصول على موعد لمراجعة النتائج. الردّ كان صادمًا: “الموعد المتاح بعد شهر.”
سألت بقلق: “شهر؟ يعني عليّ أن أعيش في القلق طوال هذه المدة؟ من يتحمّل مسؤولية وضعي الصحي؟”
فجاء الحلّ البديل: “يمكنك إرسال النتائج عبر واتساب، وسيراجعها الطبيب من هناك.”
تساءلت في نفسي: هل لأن المراجعة مجانية لا تساوي المئة دولار لذا يفضل الطبيب العلاج عن بعد؟

القضية ليست شخصية. إنها مرآة لواقعٍ صحي مأزوم، بات فيه العلاج امتيازًا للأغنياء، لا حقًا للجميع. الاستشفاء اليوم صار عبئًا فوق طاقة معظم الناس، والمستشفيات تحوّلت من بيوت للرحمة إلى مؤسسات مالية تُقاس خدماتها بما يملكه المريض لا بما يحتاجه.

أقولها بكل احترام للأطباء الذين نُقدّر علمهم وتعبهم: المريض ليس ماكينة صرف آلي. هو إنسان خائف يبحث عن طمأنينة قبل أي علاج، وعن كلمة دعم قبل أي وصفة.
في زمن القسوة والضيق، المطلوب بعض رحمة، بعض إنصات، بعض إنسانية.

ببساطة… حِلمكن علينا.






Side by Side Linked Images



الدفاع المدني: 76 مهمّة خلال الـ 24 ساعة الماضية

في الشمال… محلّ للألبان والأجبان غير مستوف للشروط الصحية!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *